يوم العيد يوم توزيع الجوائز والهدايا على الفائزين، إنه الفوز العظيم، فوز بالطاعة وظفر بالأعمال الصالحة
إن العيد السعيد لمن صلى وصام وبر والديه ووصل الأرحام وقام بما عليه أتم قيام، إن العيد السعيد لمن تخلص بالصوم من ذنوبه، ولمن تخلص بالصوم من شهواته، ليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن طاعاته تزيد، ليس العيد لمن تمتع بالشهوة وجرى وراء اللذة، إنما العيد لمن خرج من رمضان ونفسه مطمئنة
كم نتمنى أن يمر العيد والقلوب عامرة بالإيمان، والنفوس مطمئنة بطاعة الرحمن، كم نتمنى أن يمر العيد وأمة الإسلام قد استعادت مجدها وتبوأت مكانتها في قيادة البشرية، كم نتمنى أن يمر العيد وقد تخلص الأقصى من دنس اليهود وعادت إليه الأيدي المتوضئة والنفوس المتطهرة وتشد إليه الرحال لتظفر بفضل الصلاة فيه، كم نتمنى أن يمر العيد وشرع الله محكم في كل بلاد المسلمين في العالم، قد ملاها عدلاً ونورًا يسعد في ظله الفقير وينعم في كنفه الضعيف
مكانة العيد ومنزلته في الإسلام
إن أعياد المسلمين ترتبط بالطاعة والعبادة، فالفطر بعد صوم رمضان، والأضحى بعد صوم عرفة، عيد الفطر بعد أفضل الشهور عند الله، وعيد الأضحى ختام أفضل الأيام عند الله عز وجل
إن العيد عندنا طاعة يفرح فيه المسلمون بطاعة ربهم عز وجل وهم يخرجون للصلاة واستماع الموعظة يكبرون الله تعالى
أعيادنا أحكام وآداب
هذه وقفات وتأملات نتعرف من خلالها على الهدي النبوي في العيد
لكل قوم عيد
اعلم أخي المسلم رحمني الله وإياك أن الله قد خصنا بيومي عيد هما عيد الفطر وعيد الأضحى فلا ينبغي لنا نحن المسلمين أن نشارك غيرنا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال ما هذا اليومان ؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله قد أبدلكم الله خيرًا منهما يوم الأضحى، ويوم الفطر
الاغتسال ولبس أحسن الثياب
روى البيهقي بسند صحيح أن رجلاً سأل عليًا بن أبي طالب رضي الله عنه عن الغسل فقال علي رضي الله عنه اغتسل كل يوم إن شئت فقال الرجل لا أحسن الغسل الذي هو الغسل فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر وكان ابن عمر رضي الله عنهما يلبس أحسن ثيابه في العيدين
إخراج زكاة الفطر
يجب أداء صدقة الفطر قبل الخروج لمصلي العيد، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى المصلى، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، ومن لم يخرجها قبل الصلاة وجب عليه إخراجها قضاء فقد تعلقت بها ذمته
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» رواه أبي داود
الأكل قبل الخروج يوم الفطر
كان رسول الله يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ويأكلهن وترًا، وأما في عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى صحيح رواه الترمذي
ويحرم صوم يوم العيد ؛ لما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي نهى عن صيام يومين يوم الفطر، ويوم النحر
خروج النساء والصبيان
كان رسول الله يخرج الأبكار والعواتق وذوات الخدور والحيض في العيدين، فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قالت إحداهن إن لم يكن لها جلباب، قال فلتعرها أختها من جلابيبها متفق عليه
الخروج إلى المصلى ماشيًا
من السنة صلاة العيد في المصلى خارج البلد والذهاب إليها ماشيًا لفعله ، كما ثبت في الصحيحين، ولأن هذا إجماع المسلمين فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى فيصلون العيد
التكبير في العيدين
السنة التكبير جهرًا أثناء الذهاب إلى مصلى العيد حتى يخرج الإمام، قال الزهري كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتونا المصلى وحتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام سكتوا، وأما في الأضحى فالتكبير يكون من صبح يوم عرفة إلى عصر اليوم الثالث عشر من ذي الحجة في الطريق والمنزل والمتجر وبعد الصلوات ومما صح عن الصحابة من صيغ التكبير «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا»، والنساء تكبرن دون رفع صوت حتى لا يسمعهن الرجال
وقت صلاة العيد
هو ما بين ارتفاع الشمس قدر رمح أي بعد الشروق بحوالي ربع ساعة إلى الزوال، أي قبل أذان الظهر بعشر دقائق والأولى تأخير صلاة عيد الفطر ليتسع وقت إخراج زكاة الفطر وتعجيل عيد الأضحى ليتسع وقت الأضحية
صلاة العيد بلا سنة ولا إقامة
خرج رسول الله يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما متفق عليه
وثبت أنه كان لا يصلي قبل العيد شيئًا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين حسنه ابن حجر والألباني
وروى البخاري ومسلم عن جابر بن سمرة قال صليت مع النبي العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا قول الصلاة جامعة والسنة أن لا يفعل شيئًا من ذلك
كيفية الصلاة
صلاة العيد ركعتان ؛ لقول عمر رضي الله عنه «صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفجر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان غير قصر على لسان نبيكم ، وقد خاب من افترى» رواه النسائي في السنن الكبرى
والسنة أن يكبر في الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرة القيام، وذلك قبل القراءة، وله أن يرفع يديه مع كل تكبيرة، وصح عن ابن مسعود أن يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي بين كل تكبيرتين
ويستحب أن يقرأ في الأولى «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى»، وفي الثانية بالغاشية ؛ لأن رسول الله كان يقرأ بهما في العيدين وفي الجمعة رواه مسلم
هل تقضي صلاة العيد ؟
قال في المغني من فاتته صلاة العيد فلا قضاء عليه، فإن أحب قضاءها فهو مخير إن شاء صلاها أربعًا، إما بسلام واحد وإما بسلامين، وإن شاء أن يصلي ركعتين كصلاة التطوع وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير وهو مخير إن شاء صلاها وحده وإن شاء في جماعة
الاستماع إلى الخطبة
ويستحب للمصلين الجلوس للاستماع إليها ولا يلزمهم ذلك ؛ لقوله «إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب» صحيح أبي داود
كما يستحب للإمام أن يخص النساء بموعظة خاصة بهن اقتداء بالنبي في ذلك
مخالفة الطريق
روى البخاري عن جابر رضي الله عنه أنه قال كان رسول الله إذا كان يوم عيد خالف الطريق أي يذهب إلى المصلى من طريق ويعود من طريق آخر اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد
في صحيح أبي داود عن إلياس قال شهدت معاوية وهو يسأل زيد بن أرقم أشهدت مع رسول الله عيدين اجتمعا في يوم ؟ قال نعم قال فكيف صنع ؟ قال صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال من شاء أن يصلي فليصلِّ، وفيه أيضًا عن عطاء قال صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا، فصلينا وحدانا وكان ابن عباس بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال أصاب السنة، وفيه أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه عن الجمعة وإنا مجمعون» وفي قوله «إنا مجمعون» أن الإمام يصلي الجمعة إن شاء بمن حضره من المسلمين
مخالفات الأعياد
إن الله تعالى إذا أحب عبدًا شرح صدره للخير واستعمله في هذه الأوقات الفاضلة في أفضل الأعمال ليثيبه أفضل الثواب، ولكن الشيطان لعنه الله أخذ على نفسه أن يصد الناس عن سواء السبيل ويقعد لهم بكل صراط مستقيم، وبذلك وجب التنبيه على بعض العادات السيئة في الأعياد
ومن ذلك اشتغالهم عقب الصلاة بزيارة القبور قبل الذهاب إلى أهلهم، وقد كان رسول الله يخرج مع الصحابة إلى الصحراء لصلاة العيد، وكان يذهب من طريق ويرجع من آخر، ولم يثبت أنه زار قبرًا في ذهابه أو إيابه مع وقوع المقابر في طريقه، فتلك العادة من تلبيس الشيطان فإنه لا يأمر بترك سنة حتى يعوضهم عنها شيئًا يخيل إليهم أنه قربى فعوضهم عن سرعة العودة إلى الأهل بزيارة القبور وزين لهم ذلك في هذا اليوم
التوسعة على الأهل
يشرع التوسعة على العيال في أيام العيد بما يدخل السرور على قلوبهم، ولكن بغير محرم، فيباح للفتيات الصغيرات الضرب بالدف فقط، وأن تغني غناء ليس فيه فحش ؛ لما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل عليَّ رسول الله وعندي جاريتان ليستا بمغنيتين تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال مزمار الشيطان عند النبي ، فقال دعهما، إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا
قال الإمام مالك عندما سُئل عن الغناء قال تعالى «فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ»، أفحق هو ؟ فإنه إن لم يكن الغناء حقًا فهو باطل، وهل من عاقل يقول الغناء حق؟
وقال الشافعي رحمه الله إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته، وقال أبو حنيفة رحمه الله الغناء من الذنوب التي يجب تركها والابتعاد عنها وتجب التوبة منها فورًا كسائر الذنوب والمعاصي
وبالجملة فإن من تتبع أحوال الناس في العيدين يعلم أنهم ابتدعوا فيها كثيرًا وتلاعبت بهم الأهواء حتى خرجت بهم عن الحد المشروع فيها وجعلوها أيام لعب وأكثروا فيها من المنكرات وشرب الخمور وحضور الملاهي والعكوف على أماكن الفسوق والفجور، ولا حول ولا قوة إلا بالله
والله من وراء القصد
[color:077f=olive]
![رمضان1](/users/2814/24/81/72/smiles/622296.jpg)
![pppppp](/users/2814/24/81/72/smiles/945710.jpg)