أقبل علي بوجه الباسم المتلالأ لم تؤثر فيه بضع و خمسين عاماً كثيراً... لقد عرفته في رمضان قبل خمس سنوات فقط.... بسيط في مظهره في ملبسه في صدقه .... منذ أن عرفته في المسجد وتراه يسبق الحارس في الدخول فهو أقرب ساكن وأسرع ساكن للهفة من يريد فتح باب المسجد... تراه ينظف المصاحف علي المنضده ويرتبها كأنه يرتب زوايا قلبه الحاني... ينظف السجاد والموكيت كلما رأي قشه أو ورقه متناثره.كانه فلاح مجتهد ينظف ارضه من الافات .. يمرر أصابعه المتوضئه علي الزجاج والشبابيك يتلمسها يتحسسها كأنها كنوزه الثمينه التي يدخرها لتقلبات الزمان .
أضحك وهو يزاحمنا أول تعارفنا في المقرآه يتعتع في قراءة القراءن بشدة يتلعثم يأخذ نفسه بصعوبه ثم يتوقف بابتسامته التي تنير المكان ويقول لي أنا صاحب المثل
(( بعد ما شاب أرسلوه ألي الكتاب))
الآن هو من يقوم بالاشراف علي المقرأه يصحح القراءه للآخرين كل يوم بعد صلاة الفجر حتي وأن لم يكن معه إلا فرد أو أثنان
تراه يقف يرتب صفوف الاطفال والاشبال اخر الصفوف هم يحبونه فكم حمل لهم من علب الشيكولاته والبسكويت وهو عنده قدره عجيبه في توظيفهم بل وتوجيه المشرف بكل أدب وحنو...
كلما اعترضتنا مشكله مع الأداره أو جماعة المصلين تراه يقترب فيحل المشكله الكل يسلم له... معه مفاتيح القلوب جميعها ... موظف الأوقاف والحارس الاداره حتي مخبر أمن الدوله يحترمه ....(( كل الأسر الفقيره حول المسجد تحبه وترتاح في التعامل معه )) ..وجوده يبعث الثقه والآمان والراحة ....
إليك هذا المشهد الرائع جاء أحد الفتيان له بكيس من عصير التمر هندي بعد الأفطار فقد أشرف بنفسه علي توزيع التمر والمشروبات ونسي نفسه تماماً تمزق الكيس بين يدي الفتي أثناء فتحه بسط كفيه تحت الكيس حتي لا يسقط العصير ثم انحني ومد فمه يشرب العصير قبل أن يسقط علي السجاد أنطلقت بكوب كبير حتي أشارك في أنقاذ الموقف تساقطت بعد القطرات علي السجاد جثي علي ركبتيه سحب قميصه يجفف السجاده نزلت الدموع من عيني أنسابت بغزاره يا الله كم أحبك يا باشمهندس نعم هو مدير ناجح لأداره هندسية كبيرة .. لقد لخص هذا الموقف البسيط شخصيته ..حب الفتي له. حبه للعمل.. نسيان نفسه تواضعه. سرعة بديهته حرصة علي المسجد اخلاصه ....
رأيت الناس يوم القيامه يقدمون أعزارهم و شفعائهم من الأعمال يوم القيامه بين يدي الله سبحانه وتعالي ورأيت الباشمهندس يقف طويلاً شامخاً مبتسماً ومن خلفه المسجد مآذتنه عاليه شامخة يقول لله عز وجل هذا هو خادمي..
يا الله لم اصدق يا كل أعمالنا التربويه ولأاداريه؟.. يا كل رواد التنميه البشريه الاداريه أن لم تصب جميع أعمالكم في قالب مثله فقد ضاعت سدي أنه رجل يجيد التعامل مع الناس يزرع فيهم الأمل ويعشق بناء الثقه.ينشر البسمه والفرحه علي الجميع ))
دخلت المسجد بعد المنام في صلاة الفجر سبقته إلي المسجد اليوم ركنت ظهري علي العمود الذي يفضله أقبل علي بإبتسامته وقفت أسلم عليه أحتضنته فقد علمني عشق المسجد
جلس بجواري ... وتأوه بعمق خرجت تنهيدته مزيج من الارتياح والسرور والراحة المفعمة بالامل والطمئنينة
وقبل أن أبشره بالمنام قال لي تعرف يا حبيبي:ماهو أجمل شيء في حياتي ؟ إنه المسجد لقد سافرت كثيراً وتمتعت كثيراً لكن! لم أجد أجمل وأحسن من المسجد منذ أن عرفت المسجد وحياتي كلها بركه ... وكيف لا وهو بيت الله ... وقال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم
((سبعة يظلهم الله في ظله.. ورجل قلبه معلق بالمساجد))
(( الملائكه تصلي علي أحدكم ما دام في مصلاه))
(( وأنها الرباط ))
قال.. حتي زوجتي واولادي واحفادي الصغار كلنا نرحل كل يوم عند الغروب وكلنا شوق الي جنة المسجد . نغتسل ونستريح من عناء الحياة بين جنباته العامرة برضا الله وفضلة ...
![غغغغ](/users/2814/24/81/72/smiles/310360.gif)
![,,,,](/users/2814/24/81/72/smiles/19219.jpg)